الاثنين، 8 مايو 2017

متلازمة الورقة البيضاء

إنني يا سادة أشكو من داء أصابني ، ومن علة شنيعة حلت بساحتي ، فصرت بها كليلاً لا أنشط لحاجة ولا أقوى على عمل ولا أكر على عدو ولا أكتحل بنوم لا أهنأ بطعام . فصرت كالأسير المكبل الذي سلب حريته ، وماذا يبقى للمرء بعد حريته ؟

إنني مصاب بهذا الداء منذ شهرين متتابعين ، فلا والله ما هذه علة جسمانية ، فإني بحمد الله في عافية تامة في جسدي نسأل الله أن يحفظها ويديمها . لكنها (علة فكرية) أو (داء ثقافي) إن صحة التسمية .. فما هذه العلة وما حقيقتها؟
إنها (متلازمة الورقة البيضاء) أيها الكرام، يبدأ الأمر حين تكون بحاجة إلى الكتابة ، فلا تمسك بالقلم أو تستقر يداك على لوحة المفاتيح لتكتب تدوينك/مقالتك، إلا وتراودك حيرة شديدة أمام الصفحة البيضاء التي تواجهها فلا تدري من أين تبدأ ، وكيف تقبض على الفكرة ، وكيف تسوق العبارات وتشرح الأفكار ، فتلبث زمناً ولا تكاد تخرج من هذا كله إلا كما خرجت تلك الفيلة التي تمخضت فولدت فأراً! فتغلق الحاسب بضجر شديد. ويصيبك صداع. ثم تعاود الكرة فتعاودك المشكلة. فتعود مرة ثالثة فلا تجد إلا نفس النتيجة. الأمر مخيب للأمل جداً. هو الأمر أشبه بمشاهدتك لمتاهة معقدة متناهية الدقة يطلب منك حلها، أو صحراء عملاقة بعيدة المنال أو بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب!

شكر خاص لمن سأل عن التدوينات وسبب توقفها ، فلم يكن المانع إلا هذا المرض ، فقد وقّعت لنفسي إجازة مرضية من المدونة إلى أجل غير معلوم. ليت شعري ماذا الذي سيصنعه أصحاب الأعمدة الصحفية اليومية إن ألم بهم شيء كهذا؟،  جميل أنني أكتب في مدونة شخصية أمنح نفسي ما أشاء من الإجازات في أي وقت.

دقيقة! كيف تمكنت من كتابة هذا كله، قد فعلتها حقاً! الحمد لله . هل يمكننا أن نعتبر أن كتابة هذه التدوينة من أمارات التعافي من (متلازمة الورقة البيضاء)؟ أتمنى ذلك. طاب مساؤكم.

هناك تعليق واحد: