الأربعاء، 12 أغسطس 2020

كف الأذى..

 نهى الإسلام عن الغيبة والنميمة والبهتان والقول الفاحش واللعن وغيرها من السوكيات المنافية للأخلاق ، يفهم بعض الناس هذه الأمور فهماً خاطئاً سطحياً.. كيف؟ ولنأخذ على سبيل المثال الغيبة والغيبة حذر منها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة في نصوص كثيرة .. وهي ذكر الإنسان إنساناً آخر بكلام يكرهه ويسيء إليه. هذه هي الغيبة.

تجد بعض الناس يقول : (أنا لن أسيء له في غيبته ، إنما سيوجهه بالكلام). فهو يفهم أن الإساءة إلى الآخرين لا بأس بها إن كان ذلك في حضرتهم ، البعض الآخر يطبق في أمور أخرى فهو ينتظر نص مخصوص يمنعه من سلوكه السيئ ولا يدرك أن هناك قواعد شرعية كلية في السلوك فحتى لو اخترع إنسانٌ نوعاً جديداً من الإساءة في الشريعة تحفظ بهذا حق الناس وتحميهم من هذا الأذى، وقد يكون أوتي جدلاً في تبرير هذه الأمور. أو أنك إذا جئت تنهاه عن الإساءة لإنسان يقول أنا لم ألعنه أو أقذف إنما قلت له يا حيوان أو يا غبي فيظن أن الشريعة تعطيه بحبوحة في إطلاق هذه الألفاظ لأنه لم ينه عن أفرادها.. المشكلة هنا أن التقاليد الاجتماعية تتسامح كثيراً في ألوان من الإساءة وهذا يعود لخلل إجتماعي عميق في التقاليد إذ إن المنتظر من الأعراف والتقاليد أنها تحمي الناس وتحقق السلم الاجتماعي ، ولكنها قد تنحرف عن هذا المسار لتبرر إيذاء الآخرين خصوصاً الضعفة والمساكين أو من هو خارج البلد والمنطقة.

 لذلك وجدت الشريعة الخالدة لتضبط حياة الناس، فنهت عن إيذاء الناس بكل أشكاله وألوانه حتى أنها نهت عن إيذاء الكفار المسالمين . قضية (كف الأذى) هي من القضايا الأخلاقية الكبرى التي هي من المقاصد الشرعية المتصلة بالأخلاق ، فهناك ما خصصته الشريعة لمزيد أهميته وهناك ما سكتت عنه لتغيره عبر الأزمان والأماكن لكن جعلت له قواعد ضابطة وأهم هذه القواعد (كف الأذى). يتعلق كف الأذى بالمسؤولية الأخلاقية الممتدة إلى الدار الآخرة فالإيذاء ذنب ومعصية لله ، وكما يبكي الإنسان متضرعاً إلى الله أن يتوب عليه للنظرة المحرمة أو الاستماع المحرم، فإن مما ينبغي الندم عليه والتضرع إلى الله والإنابة إليه لأن يتوب عليه أن يتوب إليه من إيذائه لغيره. إن أوضاعنا بما يتصل لهذه القاعدة تحتاج إلى (ثورة أخلاقية) لا تعيد الفهم الصحيح لهذا المجال فحسب إنما تغير في الواقع ليعيش الناس وفق الشريعة الغراء السامية ويتحقق في المجتمع ما قصدته الشريعة وأرادته في توجيهاتها. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق