الثلاثاء، 6 فبراير 2018

إزدراء التجريد

في الدول النامية على خلاف الدول المتقدمة، تميل القاعدة الشعبية من أنصاف الأميين وأنصاف المتعلمين إلى التبخيس من شأن التجريد أو ما يتصل بالعلوم النظرية نظراً لأنها بتصورهم مجرد (تنظير) و (كلام) والكلام في نهاية المطاف سهل والجميع يستطيع أن يتكلم!. علاوة على كون الأقسام النظرية في الجامعات من علوم الأدب والنقد والسياسة والفلسفة والإدارة حتى الآن ارتباطها ضعيف بسوق العمل وطبيعة العلاقة بين القابليات والاستعدادات لخريجيها غامضة ومبهمه فلسيت الجامعة قادرة على إعطاء مخرجات  ملائمة لسوق العمل ولا سوق العمل يشعر بحاجته لهذه العلوم فتقى الحالة داخل دائرة مغلقة! ويبقى إحساس الناس بأهمية هذه العلوم معدوم أو يكاد.

تستطيع بسهولة إقناع الناس بأهمية الطب ودورة في تشافي المرضى وتحسين الحالة الصحية في البلد، وتستطيع إقناع آخرين بضرورة وجود عاملين على محطات توليد الطاقة، أو ضرورة وجود معماري يخطط لبناء المباني والجسور،  وتستطيع إقناعهم بأهمية تلك التخصصات والعلوم البحتة! لكن ستواجه عقبة حينما تريد إقناع أحدهم بأهمية التخصص التي تبحث في علم الاتصال والسلوك التنظيمي وإدارة العمليات وإدارة المواهب وتحليل الأعمال وإدارة المعرفة ونظم مساندة القرارات لأنها تدخل في نطاق أعلى في سلم التجريد.

ينظر كثير من الناس في الدول النامية إلى  تلك الفروع من المعرفة وأضرابها على أنها  مجرد تنظير ودورات تطوير ذات، وليست بتلك الأهمية، فكل شيء نستطيع تعلمه من خلال الخبرة الميدانية، فلا حاجة لوجع الرأس والمثاليات وإضاعة الأموال، هكذا ينظرون للموضوع.


نجد في المقابل الحال في الدول الصناعية المتقدمة على العكس من ذلك، حيث تكتض تلك الأقسام بأكثر الطلبة كفاءة ويقع تنافس شديد للحصول على شهادات بخلفيات تلك العلوم، والنظرة العامة لتلك العلوم قريبة ومشاهدة لرجل الشارع ولديه شيء من الخلفية عنها، تسهم بصورة مباشرة في زياد كفاءته في مجاله الخاص، وبعد ذلك لنا أن نفهم سبب تراجع الإنتاجية والفاعلية وضعف والتنظيم  والفوضى الإدارية والبيروقراطية والروتين القاتل وضعف الإبداع والبحث العلمي والمهارات المتواضعة، فالمسألة لا تستدعي إختراع العجلة من جديد!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق