الجمعة، 2 فبراير 2018

لحظات الشعور بالسلام

صباح الخير ياسادة،

تدخل المسجد في ميعاد الفرض، وقد خفق قلبك للقاء الله في مشهد الصلاة ..
ثم تصف مع المؤمنين لتكبر .. وبعد التسليم تأخذ وقتاً كافياً تذكر الله وتفتح المصحف لتعطر لسانك بترتيل القرآن، ثم ترفع كفيك بالدعاء والمناجاة والحديث الصادق مع الرب الكريم الرحيم تسأله وترجوه وتناجيه وتنيب إليه وقد انصرف المصلون وبقي قلة من العباد والصلحاء يذكرون الله ويتنفلون .. وترى أصحاب القلوب الكسيرة قد رفعوا أيديهم إلى الأعلى يناجون العلي، أو جعلوها سجدةً طويلة يدعون بها، أو ربما اكتفوا بالجلوس والتفكر والاسترواح بالمكان..

شعور يجتاحك في لحظة ما .. يتسلل إلى كل ذرات كيانك .. 
تشعر فيه بالسلام .. تحس بأمان عميق .. تتبدد فيه المخاوف ..
 وتأنس فيه بهذا المكان الطاهر، كما كان يقول الربيع بن خيثم: إني لآنس بعصفور بالمسجد عن أنسي بأهلي!
فتدرك أن كلامه ليس من المجاز أو المبالغة إنما هي حقيقة تدركها وجدانياً...

تطمئن ويسكن ضميرك ويهدأ خاطرك، تشعر أن العالم بضجيجه وآلاته قد توقف وسكن، كأن الصراعات التي كانت تنشب في داخلك قد تم حلها والوصول إلى ميثاق سلام ومصالحة.


لا أستطيع تقدير كم حاجتنا إلى دقائق كهذه بين وقت وآخر، أن نأنس بجلوسنا في المسجد في بيت الله، أن نعمر هذا البيت، ليست عمارة وضع الطوب على الطوب .. والصخرة على الصخرة، إنما عمارة الذكر وقراءة القرآن وأداء الصلاة وإحياء دور المسجد في المشهد العام!

أن نمارس من ألوان التنفل والتعبد والاقتراب ومن ذي الجلال والإكرام، حتى نزيل عنّا وعثاء الحياة، ونطهر أرواحنا من الدرن ومن آفات الذنوب وأمراض القلوب، ونزكي أنفسنا بمعاني الإيمان والتقوى، نصحح نوايانا ودوافعنا، 

أن نلج السبق في ميدان المحبة ..أن نجعل القلب يحب هذا المكان بعمق .. ويتعلق به .. ويولهه .. ويشتاق إليه .. 
لأن تعلقه المسجد ما هو إلا لون من ألوان تعلقه بالله تعالى، فالمساجد بيوت الله ، فننال بهذا الشوق والأنس الوعد الإلهي بالظل الوارف والممتد يوم البعث، يوم لا ظل إلا ظل الله ( ورجلٌ قلبه معلق بالمساجد ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق