الأحد، 18 فبراير 2018

المبادرة


لنا أن نعتبر أن المبادرة هي بمثابة العتبة الأولى في سلم الريادة والسبق، ولما نتساءل عن سر النجاح؛ نجد أننا نقول أن المبادرون هم السباقون وغيرهم المتقاعسون، وهنا أجد أن علينا حين نتحدث عن المبادرة أن نصوغ الفكرة بأفضل بصورة ممكنة ..
 يتعرض الإنسان باستمرار لمثيرات كثيرة تدفعه لاتخاذ استجابات وردود أفعال معينه، لكن من فضل الله علينا بني البشر أن جعل لنا ميزة الإرادة الحرة التي تجعلنا قادرين على اختراق الروابط الكثيفة بين المثير والاستجابة ، لنقوم بالفعل من خلال (الاختيار)!.

هذه من الناحية النظرية .. لكن ما الذي سيعنينا من هذه المقدمة؟
حين نعتبر أن المبادرة هي العتبة الأولى من عتبات الريادة والتفوق والنجاح ، فإننا نريد أن نصل إلى فكرة محددة، أن المبادرة والفعل  هي قدرة إنسانية فطرية مغروزة فينا جميعاً، أكثر من كونها تتطلب مهارة خاصة وقدرات فريدة.

حينما نشكو من حالة ركود وتراجع وانحدار في مسارات حياتنا، ندرك أن علينا أن نقفز قفزة إلى الأمام، لكن العماء والإحباط وانسداد الأفق وربما جواذب الكسل والاسترخاء والرفاهية المفرطة يحول بيننا وبين ما نريد ، هنا يجب أن نؤمن أننا لا نزال نمتلك مفتاح المبادرة، ويجب أن ندرك أن باستطاعتنا اختراق الروابط السميكة بين المثيرات من جولنا واستجاباتنا المباشرة لها.

حين نبادر فنحن نركز على دوائر تأثيرنا، لأنه يحيط بكل إنسان دائرتين غير مرئيتين إحداهما دائرة واسعة وأخرى تكون في الداخل أضيق منها، فلو تخيلنا هاتين الدائرتين سنسمي الدائرة الكبرى دائرة الاهتمام، والدائرة الصغرى دائرة التأثير، نستمع ونقرأ كثيراً في وسائل التواصل عن هموم الغلاء والبطالة ومآسي المسلمين وتفرقهم وضعف التنمية وانتشار الانحلال وهذا يدخل فيما نسميه (دائرة الاهتمام)، فدائرة الاهتمام ستكون فيها الأمور التي لا نستطيع أن نغير منها أي شيء إنما نستطيع معرفتها وإدراكها والتعاطف معها، هناك أمور أخرى تدخل في دوائر تأثيرنا، نستطيع أن نؤثر فيها بصورة مباشرة أو شبه مباشرة، التزامنا بالصلاة ، حضورنا في المواعيد ، غض البصر ، كف اللسان عن الغيبة ، قراءة كتاب ، ممارسة الرياضة ، تطوير مهارة ، تأسيس مشروع ، الدعوة لإسلام أحد الأشخاص . هذه أمور تقع ضمن دوائر تأثيرنا إذ هي قريبة متفاعلة مع أقولنا وأعمالنا وأنشطتنا، إن المبادرة تتطلب التركيز على (دوائر التأثير) بصورة أكبر من التركيز على دوائر الإهتمام.

إن المبادرة بصورة أخرى تعني شعورنا بالمسؤولية تجاه حياتنا ، تجاه ما يجب علينا فعله ، وتجاه مالا يتم الواجب إلا به، تعني شعورنا بدورنا تجاه ما يحصل ويدور بصفتنا أفراد في المجتمع ، إن الفرق بين المبادرة وانعدامها هو ذاته الفرق بين الصحة والمرض، بين الموت والحياة.

إن من سمات صاحب التقاعس والكلالة، رمي أسباب الأخطاء على الآخرين، وتبرئة ساحته الذاتية من أي مسؤولية مما يحدث له، فيشعر أن الناس من حوله متآمرون ضده،  ولم يدرك أن كثير ما يدور ويحدث له إنما بسبب تقصيره وقعوده عن  بالأسباب الشرعية!

إن التاريخ مدين على امتداد خطه الزمني بمجموعة من المبادرين العظام، رموا من كواهلهم حبال التعذّر والتقاعس.. وأثاروا رمال الصحراء.. وألقو على صفحة الماء الراكد أحجاراً ثقيلة.. ووضعوا أقدامهم لأول مرة في أرض جديدة...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق