الأربعاء، 31 يناير 2018

المسؤولية الفكرية

إن المسؤولية تعني أنه في حال توفر بعض الشروط الموضوعية، فإن الإنسان يكون مكلفاً وملزماً بتبعات ما يقوم به من أعمال وأقوال. وإن المجال الفكري والمعرفي ليس استثناءً من هذا، فالإنسان مسؤول عما يقوله ويقرره ويعتمده في تصوراته ومنطلقاته في سياق إقراره لمفهوم أو مبدأ أو في خوضه نقاشاً وحواراً أو في أي سياق آخر.

تتمثل المسؤولية في ضرورة حرص الإنسان أن يبحث ويسعى في سبيل الوصول إلى الحقيقة، وأن يتحرى ويجتهد إصابة الحق وسعه وطاقته، وألا ينحاز إلا إلى ما يتبين له من الحقائق والبراهين، وأن يقول الحقيقة والصدق وتكون لديه شفافية ووضوح في طرحه بعيدة عن التعمية والإيهام .

يظهر التحلي بالمسؤولية  في رفض الانصياع للمؤثرات الخارجية سواء كانت من قبل السلطة الزمنية التي تملك أدوات الترغيب والترهيب، أو من سلطة المجتمع الذي يقاتل على الدوام من أجل الحفاظ على الأنماط والأفكار السائدة مهما تكن درجة صلاحيتها.

الرجل المسؤول يتأبى على الإنصياع لتلك المؤثرات غير الموضوعية التي تؤثر سلباً في حكمه على الأمور، إنه يرفض أن يرضخ رأيه تحت سلطة الترغيب بالأموال والشهرة السريعة والقبول الجماهيري، ليحافظ على استقلاله الفكري وقبل ذلك سلامة نيته وراحة ضميره ، وكذلك يرفض الانصياع تحت تأثير الإرهاب الفكري الذي يدفع الكثيرين إلى التحريف وقلب الحقائق وقول الأباطيل، إن تحمل المسؤولية سيعني نوعاً من التضحية والنضال لأجل أن تبقى الحقيقة مرفرفه وعالية ومنصورة.

تدفع المسؤوليةُ الفردَ كذلك لكي يتثبت ويتبين  فلا يسارع ألى تصديق كل ما يقال، وبالتالي لا يتساهل في نقل الكلام بلا تثبت لأن هذا لا يعني سوى ترويج المزيد من الأكاذيب والإشاعات المدمرة، وكم نرى اليوم في وسائل الاتصال من الأخبار المنكرة التي تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم، بسبب ضعف التثبت من الأخبار وبدون فحص مصادرها والتحقق من معقوليتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق