الأحد، 25 يونيو 2017

في موسم العيد

في ليلة وداع شمس اليوم التاسع، وطلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة، يقرر مليار مسلم على كوكب الأرض أن يصبحوا سعداء بهذا العيد الكوني. يوم الاحتفال بالعيد الأكبر، ويوم الشكر على الهداية، والشكر على العطايا الربانية، والنفحات الرحمانية، وعلى ما رزقهم من بهيمة الأنعام.

ترى الناس يخرجون من الجوامع شاكرين ذاكرين، إلى منازلهم، وقد تزينوا بالثوب الجديد، وتزينت أرواحهم بمعنى اليوم الجديد، ترى ابتسامات وقفزات الأطفال والألعاب التي يحملونها في أيديهم، وترى الابتسامات الصادقة الخالصة على وجوههم الغضة الطرية، تجعلك ترى على سحناتهم  في هذا اليوم ما يكون لك إكسيراً للبراءة والنقاء وترياقاً للحياة. وترى حين تمنحم (العيدية) ولو كانت ريالات معدودة تتلألأ عيونهم فرحاً ، فكأنك ترى الريال الذي مددته يهنئ الريال الذي في جيوبهم الصغيرة!.

وربما بجانبهم تزينت (هي) فرآها (هو) كأنها عروس جديدة في ليلة زفافها، فلربما عاد الزوجان للعناق الحار وهبت عبير الذكريات الحلوة وتجددت علائق الوله، ولربما خرجتَ فلمحت صديقاً أوقريباً لك كنت تتحرج من مقابلته، فما إن التقت العيون حتى ذهبت السخائم وارتفعت المعاتبات وأقبلت عليه بالسلام والتهنئة. واستعلى أهل العيد عن كل النزاعات، كأنهم قرروا حصار الكراهية وحبسها، وإطلاق ورود وبالونات المحبة والتآلف والسلام.

تدخل إلى المجالس العامرة المكتضة، فترى الابتسامات تلوح على كل الوجوه من الصغير والكبير، ويلقي أحدهم الدعابة فتبدأ الضحكة من واحد فتنتشر وتتفاعل بين الجلساء كتفاعل المركبات الكيميائية وتُخلق السعادة خلقاً من بعد خلق.

ثم يخيم المساء فتخرج فترى المدينة تبتهج باحتفالية كونية، يطلق فيها مفرقعات ملونة تنير السماء بهلات شهابية تصعد وتهبط، وترى البيوت تكاد ترقص طرباً على إيقاعات الدفوف وموسيقاها العذبة.

ترى حين تدور البخورعلى الحاضرين ، وتمتد خيوط دخانها إلى السقف فتحجب ظلال الأدخنة بعض أقواس النور، ويتعطر المكان  بعبق عتيق، وتتخلق لوحة من أبدع ما ترى عيناك . وترى أصحاباً متحلقين حول موائد اللحوم الشهية لم ترهم منذ سنوات ، لم تجمعهم بك إلا موائد العيد السعيد.

هذا هو موسم العيد موسم البهجة والحبور، موسم الفرح بإتمام العدة، وشكر الله وتكبيره وتعظيمه. فما أكرمك يا الله ما أجمل عطاياك، وكل عام وأنتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق