مهمة المؤسسة
إذا قمت بسؤال أحد رجال الأعمال : ما المهمة الأساسية للمؤسسة؟ لأجابك على الفور : إيجاد الربح . وستجد الجواب نفسه حين تسأل رجل الإقتصاد التقليدي فسيقول لك : تعظيم الأرباح . وفي الحقيقة أن هذا الجواب - على أنه يبدوا صحيحاً لأول وهلة - إلا أنه لا علاقة له بالسؤال أصلاً! فهو خارج تماماً عن السياق .
فلم يكن سؤالنا عن ماذا يهدف (ملاك الشركة)؟ إنما عن الهدف والمبرر لقيام المؤسسة نفسها . لو سألناك عن (س) من الناس ما ماذا يعمل؟ فلا نتصور أن تقول : إنه يجني الأرباح! إنما ستقول : أنه طبيب يعالج الناس ، أو نجار يصنع الأبواب . أو معلم يعلم الطلاب ، وإن كان هو في النهاية سيأخذ مقابل عمله مالاً .
يقول جون دين وهو أحد الإقتصاديين الذين يتبنون هذه النظرية : " تقوم النظرية الإقتصادية على افتراض أساسي بأن تعظيم الربح هو الهدف الأساسي لأي شركة ، ولكن "تعظيم المكسب" في السنوات الأخيرة تم تحديده بصورة مكثفة للإشارة إلى المدى البعيد ، وللإشارة إلى الإدارة وليس للدخل الذي يحققه أصحاب الشركة ، وليشمل الدخل غير المالي مثل زيادة راحة التنفيذيين المضغوطين ، وزيادة العلاقات الجيدة بين المستويات التنفيذية بداخل الشركة ، والإعداد لاعتبارات محددة مثل الحد من المنافسة ، والحفاظ على السيطرة الإدارية ، والحد من متطلبات الأجور ، والحد من شكاوى مكافحة الاحتكار ، ولقد أصبحت الفكرة عامة وضبابية جداً لدرجة بدت بعها لو كانت تتضمن معظم أهداف الناس في الحياة .
وهذا التوجه يعكس إدراكاً متنامياً لدى المنظرين يقوم على أن الكثير من الشركات -وخاصة الكبير منها- لا يعمل وفقاً لمبدأ تعظيم الربح من منظور التكاليف الحدية والعوائد."
أمرٌ آخر ... المؤسسة في مفهومها لا تنحصر في العمل التجاري وحده ، بل إن المكتبة العامة مؤسسة ، والمستشفى مؤسسة ، والمطار مؤسسة ، والجمعية التطوعية مؤسسة ، والمدرسة مؤسسة ، وكلها لا علاقة لها بالعمل التجاري .. فهل هي الأخرى تهدف إلى جني الأرباح؟ وحتى لو فرضنا أننا سنتحدث عن مؤسسة تجارية فليس من الصواب أن نقول أن مهمتها ( تعظيم الربح ) فهذا كما ذكرنا أنه خارج السياق . كما لو سألت الطبيب عن عمله فقال لك أنا أقوم بجمع الرواتب!
وهذا لا يعني أن نقول أن الربح ليس له أهمية ، إطلاقاً . لكننا نقول أنه ليس هدف شركات الأعمال ، إنما هو (عامل مقيد لها) كما يقول دراكر .
إذا قلنا أنه ليس هدف المؤسسات تعظيم الربح ، فماهو هدف المؤسسة إذاً ؟ يقول بيتر دراكر -وهو من أكثر الإداريين المعاصرين عبقريةً وإنتاجاً- : "وهدف الشركة يوجد خارج الشركة نفسها ؛ فلابد أن يوجد هذا الهدف في (المجتمع) ؛ لأن شركة الأعمال هي أداة من أدوات المجتمع ، والتعريف الوحيد الصحيح لهدف الشركة هو أن نقول أنه : اكتساب العملاء."
إذاً الهدف هو (اكتساب العميل) والذي يتطلب من المؤسسة القيام بإشباع رغباته من علاج أو تعليم أو خدمة أو منتج ؛ لأن العميل هو من يحدد طبيعة المؤسسة وهو الذي يمثل المجتمع المستفيد من المؤسسة ، فالمرضى على سبيل المثال هم من يحدد طبيعة المؤسسة التي تعالجهم وهو المستشفى، والطلاب هم من يحدد طبيعة المؤسسة التي تعلمهم وهي المدرسة ، والمشاهدون هم من يحددون طبيعة المؤسسة التي تبث لهم وهي القناة .
إن العملاء هم من يعطي المبرر لوجود المؤسسات في الأساس ، فلو فرضنا خلو مكان ما من العملاء ؛ لما كان لوجود المؤسسات أي معنى ، ولهذا كان اكتسابهم هو هدف المؤسسات ، والله من وراء القصد وعليه السبيل .
إن العملاء هم من يعطي المبرر لوجود المؤسسات في الأساس ، فلو فرضنا خلو مكان ما من العملاء ؛ لما كان لوجود المؤسسات أي معنى ، ولهذا كان اكتسابهم هو هدف المؤسسات ، والله من وراء القصد وعليه السبيل .
تعليقات
إرسال تعليق